عندما يبدأ الإنـسـان الثـقة في ربـه ، ويكون بداخله يقينا تاما بأن الله سبحانه وتعالى لن يضيـعه وأنه يـراه ويُراقبه ، فيبدأ العمل يومه براحة نفسية واستقرار اسري واجتماعي ، بسبب تلك الثـقة التي بينه وبين خالقه ، فعليه بعدها أن لا  يخـشى النـاس مهما كانت أشكالهم وألوانهم ، لأنه أول ما بدأ في خطوات نجاحه هي الثـقة بالله وهذه الثقة يجب أن يتبعها عدم الخـوف من الآخرين وخاصة عندما نكون على حـق.


الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)

ورسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه كان لنا المثل الأعلى في عدم الخوف من الآخرين في قول كلمة الحـق ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم ، دليل واضح على ذلك ، والساكت عن الحق شيطانُ أخـرس .

ومثــال من السيـرة النبـوية الشـريفة ، وموقفـه صـلى الله عليه وســلم مع الكفــار والمشركين عندما كان يدعــوهم للإســلام ، هل قرأنا أو سمعنــا أن الرسـول صلى الله عليه وسلم خــاف منهم أثناء دعوته ، بل نجـده صلى الله عليه وسلم دائمــا الدعوة للإســلام ، بينمــا في الجهة المقابلة نجد الكفـار يتهمون بالكذب والسحر ، وانه شاعر .

يقول عليه الصلاة والسلام: {أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر } إذا سُلَّ السيف وأصبحت الدماء تسيل، وقام العالم يتكلم فكلمته أفضل الجهاد؛ وهذه لا يستطيع لها إلا القلائل


مثال السارق يكون في خوف دائم من الإنكشـاف ، وحالة نفسية من تلعثم في الكلام ، وعندما يقترب الآخرين من كشـفه ينظر للأسـفل ويُغمض عينـه ، وتكون حياته هموم وغمـوم وكوابيس وأحلام مزعجة ، بل نجد أن حياته غير مُستقــرة ، بالمقـارنة مع الإنسـان الناجح الذي نجد رأسه دائما مرفوعــا للأعـلى ، ويمشـي باعتدال دون الخوف من الآخرين لأنه يعلم أنه على حـق ، وإن اجتمع الجميع عليـه فلن يستطيعوا غلبته وهزيمته لأن الله يقف معه


أتى

عمر رضي الله عنه

وأرضاه وهو الولي الكبير، وهو الزاهد العابد، قام على المنبر كما يذكر بعض المؤرخين، فقال: [[يا أيها الناس! اسمعـوا وعُـوا - أتدرون ما السبب؟ كان لـعمر جلباب كبير رضي الله عنه، لبسه يوم الجمعة، وأعطى الصحابة من جلباب واحد، لكن عمر كان طويلاً فأخذ جلبابين، وهذا عند المسلمين لا يصح - فقال سلمان في المسجد: والله لا نسمع ولا نعي، قال: ولِمَه يا سلمان ؟ -وسلمان الفارسي ، مَوْلَى، لَيْتَهُ كان علياً ، أو عثمان - قال: تلبس ثوبين، وتكسونا من ثوب واحد، قال: قم يا عبد الله أجب سلمان ، فقام عبد الله بن عمر وقال: إن أبي طويل، وإنه قد أخذ ثوبي إلى ثوبه، قال سلمان : الآن، قل نسَمْعْ، وأمر نُطِعْ ]].

وفي ترجمة عمر أنه قام على المنبر، فقال: [[يا أيها الناس! ما رأيكم لو حِدْتُ عن الطريق هكذا؟ -أي: لو مِلْتُ عن الطريق المستقيم- فسكت الصحابة، وخجلوا، واستحيوا، فقام أعرابي معه سيف عند سارية في آخر المسجد، فقال: يا أمير المؤمنين والله الذي لا إله إلا هو لو حدت عن الطريق هكذا، لقلنا بالسيوف هكذا، فتبسم عمر ، وقال: الحمد لله الذي جعل من رعيتي من إذا حدت عن الطريق هكذا، يقول بالسيف هكذا ]].
هذه شرعية الكتاب والسنة والعدل في الإسلام.

حاول الخليفة المعتصم أن يجعل

الامام احمد

يقول: القرآن مخلوق، فلم يقل بذلك الإمام أحمد ، وجُلد جلدات، يقول الذي جلده: " والله لقد جلدته جلداً، لو جلدته جملاً لمات "، كلما جُلد الإمام أحمد أُغْمِي عليه، فإذا أفاق بعد أن يرشوه بالماء قالوا: " ماذا تقول؟ قال: ائتوني بآية أو حديث، حاولوا به وبدَّلوا وغيَّروا فلم ينفع، فثبت على الحق، حتى جعله الله إمام أهل السنة والجماعة ، ونصره الله نصراً مؤزراً ما سمع التاريخ بمثله.

من هنا نتعلم كيف نواجه الآخرين إن كُنا على حق الحـق ، فالإنسـان الخـائف والمُتردد يجعل الشكوك والنظرات الغريبة تحـوم حوله وهذا دليل على أنه قـام بفعل خـاطئ يجعل حالته هـكذا ، فكيف بالإنسـان الناجح أن يكون بهـذا الشكل ، أليس من الأفضل ان يكون ممن لا يخـافون الآخـرين ، ودائمـا خـوفهم وخشيتهم خـالق الأرض والسموات ، فما دمت على حـق فلا تخف من أحــد .